الجمعة، 3 مارس 2017

خطبة الجمعة اليوم بجميع مساجد الدولة

الخطبة الأولى
الحمد لله البر الرحيم، أرسل رسوله الكريم، فأوصى حسنا بالمسنين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، العزيز الكريم، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله، قال سبحانه وتعالى:( واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون).
أيها المصلون: إن من قدر الله عز وجل أن جعل الإنسان يمر بمراحل مختلفة من الضعف والقوة، حيث يولد ضعيفا، ثم يصير شابا فتيا، ثم رجلا قويا، ثم يعود إلى الضعف بتقدم عمره، وكبر سنه، ووهن بدنه، قال تعالى:( الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير). فمن تقدم به العمر فقد أكرمه الله سبحانه بكبر سنه، وجعله من خير الناس، فقد سئل رسول الله، أي الناس خير؟ قال صلى الله عليه وسلم :« من طال عمره، وحسن عمله».
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: المسلم لا يزداد في طول العمر والبقاء إلا كرامة عند الله تعالى. فإن لشيبته فضلا كبيرا؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« ما من مسلم يشيب شيبة فى الإسلام إلا كانت له نورا يوم القيامة».
وفي رواية:« إلا كتب الله له بها حسنة، وحط عنه بها خطيئة».
وقد أمرنا ديننا أن نعامل المسنين بالتوقير والرحمة لكبر سنهم، وهذا من إجلال الله تعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة».
أيها المؤمنون: كيف يكون إكرام المسنين؟ يكون بالكثير من الأعمال والتصرفات والأقوال؛ ومنها توقيرهم بتقدير شخصيتهم، واحترام كلمتهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم :« ليس منا من لم يوقر كبيرنا».
وإن إكرام كبار السن والعناية بخدمتهم، والقيام على راحتهم، ومتابعة صحتهم من الأمور التي حثنا ديننا عليها، فقد ورد: أن أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب والصحابة رضي الله عنهم قاموا بخدمة كبار السن.
ونزل أحد العلماء قرية، ووجد فيها نساء تقدم بهن العمر، وليس لهن خادم يخدمهن، ولا أحد يقوم على رعايتهن، فدفع مالا وأتى لكل واحدة منهن بخادم.
ومن التوقير لكبير السن أن يبادره بالسلام من هو أصغر منه سنا؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم :« يسلم الصغير على الكبير». ويحسن استقباله إذا حضر، ويصدره في المجلس إذا دخل، وينصت إلى حديثه إذا تكلم، فحين أقبل ثلاثة من الصحابة رضي الله عنهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأراد أصغرهم أن يبدأ بالكلام؛ قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :« كبر كبر». يريد أن يبدأ كبير السن بالحديث.
وسأل النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه سؤالا ليختبرهم فقال:« إن من الشجر شجرة مثلها كمثل المسلم». قال ابن عمر رضي الله عنهما: فأردت أن أقول هي النخلة، فإذا أنا أصغر القوم فسكت.
وقال سمرة بن جندب رضي الله عنه: لقد كنت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم غلاما، فكنت أحفظ عنه، فما يمنعني من القول إلا أن هاهنا رجالا هم أسن مني. يتحدث النبي صلى الله عليه وسلم إليهم، فمن حق المسن علينا أن نتحدث إليه، ونؤنسه بالحوار ونلاطفه، ونناديه بأحب الأسماء إليه، ولا نتقدم عليه بالقول أو الفعل.
ومن صور توقير كبير السن وحفظ كرامته أن يبقى في بيته معززا مكرما إذا كانت له حاجة عند أحد؛ ويأتي إليه من هو أصغر منه سنا ليقضيها له، حتى لا يتكلف المسن عناء الذهاب إليه، فقد جاء أبو بكر الصديق رضي الله عنه بوالده أبي قحافة يحمله حتى وضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة، فقال له صلى الله عليه وسلم :« لو أقررت الشيخ في بيته لأتيناه».
فمن حق كبير السن رجلا كان أو امرأة عندما تكون له حاجة لدى الدوائر والمؤسسات؛ أن يفسح له من هو أصغر سنا، فيؤثره بمقعده أو دوره، ويترك له المجال في صعود المصاعد، أو المرور في الطرقات، فمن فعل ذلك فليستبشر بأجر عظيم، وثواب كريم.
ومراعاة لكبير السن قد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتخفيف في الصلاة؛ فقال صلى الله عليه وسلم :« إذا صلى أحدكم للناس فليخفف، فإن منهم الضعيف والسقيم والكبير».
وسار علماء المسلمين على هذا النهج القويم من توقير المسنين واحترامهم؛ فلا نجد كتابا في الحديث أو الوعظ إلا وفيه باب أو أكثر عن توقير الكبير، ووضعوا مبادئ للتعامل مع كبار السن والمشي معهم، فيقول أحد العلماء: من مشى مع إنسان فإن كان أكبر منه وأعلم؛ مشى عن يمينه، يقيمه مقام الإمام في الصلاة... وإذا كانوا جماعة مشوا خلف كبير السن.
فاللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا، وقوتنا ما أحييتنا، واجعلنا بارين بآبائنا وأمهاتنا، موقرين لكبارنا، مؤدين لحقوقهم، قائمين على خدمتهم ورعايتهم، ووفقنا لطاعتك أجمعين، وطاعة رسولك محمد الأمين صلى الله عليه وسلم وطاعة من أمرتنا بطاعته، عملا بقولك:( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم).
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم،
وبسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم،
فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
 الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
وأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله عز وجل.
أيها المصلون: إن حسن العناية وجميل الرعاية للمسنين عمل نبيل، وخلق أصيل، فالماضي الذي نعتز به، والحاضر الذي ننعم به هم من صناعه ورواده، فعلينا أن نحسن إليهم كما أحسنوا إلينا :(هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) فقد قضوا حياتهم في رحلة كفاح وعمل لكي ينعم الأبناء بالراحة والخير، فحقهم علينا عظيم، أوصى به القرآن الكريم، ونبه عليه خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم فما أجمل أن نجلس إلى المسن ونسأله عن حاله وذكرياته، ونستفيد من خبراته، ونصغي إلى كلماته، ونرفع معنوياته بحسن الاستقبال، وحفاوة اللقاء، وإظهار البشر بقدومه، ونملأ فراغه بما ينفعه في دنياه وآخرته، ونعلم الصغار آداب التعامل مع المسنين، فلا تزال هذه الآداب والعادات والتقاليد الأصيلة تتوارث جيلا بعد جيل، وبهذا نقضي شيئا من حق كبار السن، وتتواصل الأجيال، وتنتقل الخبرات من الأجداد إلى الآباء والأحفاد، ويتلاحم جميع أفراد المجتمع.
فهل نربي أبناءنا وبناتنا على تقدير كبير السن وحسن التعامل معه؟
هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه، قال  تعالى:( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما). اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وخلفائه الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم ارض عن كبارنا، واجزهم عنا خير الجزاء، ووفق صغارنا وشبابنا لصالح القول والعمل يا رب العالمين.
اللهم ارحم شهداء الوطن وقوات التحالف الأبرار، وأنزلهم منازل الأخيار، وارفع درجاتهم في عليين مع النبيين والصديقين، يا عزيز يا كريم.
اللهم اجز خير الجزاء أمهات الشهداء وآباءهم وزوجاتهم وأهليهم جميعا، اللهم انصر قوات التحالف العربي، الذين تحالفوا على رد الحق إلى أصحابه، اللهم كن معهم وأيدهم، اللهم وفق أهل اليمن إلى كل خير، واجمعهم على كلمة الحق والشرعية، وارزقهم الرخاء يا أكرم الأكرمين.
اللهم انشر الاستقرار والسلام في بلدان المسلمين والعالم أجمعين.
اللهم إنا نسألك من الخير كله، عاجله وآجله، ونسألك الجنة لنا ولوالدينا، ولمن له حق علينا، وللمسلمين أجمعين.
اللهم وفق رئيس الدولة، الشيخ خليفة بن زايد، وأدم عليه موفور الصحة والعافية، واجعله يا ربنا في حفظك وعنايتك، ووفق اللهم نائبه وولي عهده الأمين لما تحبه وترضاه، وأيد إخوانه حكام الإمارات.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، اللهم ارحم الشيخ زايد، والشيخ مكتوم، وشيوخ الإمارات الذين انتقلوا إلى رحمتك، وأدخل اللهم في عفوك وغفرانك ورحمتك آباءنا وأمهاتنا وجميع أرحامنا ومن له حق علينا.
اللهم اجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما، واجعل تفرقنا من بعده تفرقا معصوما، ولا تدع فينا ولا معنا شقيا ولا محروما.
اللهم احفظ دولة الإمارات من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأدم عليها الأمن والأمان يا رب العالمين. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.
اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم اسقنا من بركات السماء، وأنبت لنا من بركات الأرض.
عباد الله:( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون).
اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم ( وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق