الجمعة، 21 أكتوبر 2016

والشمس وضحاها..خطبة الجمعة اليوم بجميع مساجد الدولة

الخطبة الأولى
الحمد لله الذي أقسم بالشمس وضحاها, وبث آياته في الوجود وأجلاها، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، حث على التفكر في بديع صنع الله، ووعد بالدرجات العلى من عظم مولاه، فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله، قال تعالى:( إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السموات والأرض لآيات لقوم يتقون).
أيها المسلمون: إن الله تعالى أودع في الكون آيات خلقه, وأسرار صنعه, لتنطق بوجوده، وتشهد بعظمته، فكلما كانت الآيات أكثر وضوحا, زاد الإيمان رسوخا, قال الله سبحانه وتعالى:( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق). وقد أمر الله سبحانه بالنظر في الكون والتأمل فيه, فقال:( قل انظروا ماذا في السموات والأرض). لنرى ما بثه الله عز وجل من مخلوقات عظيمة, وأجرام كونية باهرة، تدل على عظمة منشئ الأكوان سبحانه القائل:( ألم تروا كيف خلق الله سبع سموات طباقا* وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا). فمن نظر بتدبر إلى آثار الله تعالى في أمر الكون وخلقه استنار قلبه، وتفتح عقله، وتنورت بصيرته، ووحد ربه وخالقه، قال الشاعر:
ولله في كل تحريكة        وتسكينة أبدا شاهد
وفي كل شيء له آية       تدل على أنه الواحد
وإن الشمس يا عباد الله: من أعظم الآيات التي تستنطق الفطرة النقية بوحدانية الله، وهي برهان هداية على قدرته وعظمته, ومن أجل الآيات التي ينتفع بها الناس, إذ تعطيهم الضوء، وتزيل الظلمة, وتنير الدنيا, وتمنح الدفء, وتبعث الحياة، وبالنظر لأهميتها وعظم شأنها أقسم بها الله تعالى فقال:( والشمس وضحاها). وسميت سورة في القرآن باسمها، وهي سورة الشمس.  
أيها المصلون: وقد جعل الله عز وجل الشمس علامة على الأمور العظمى, والأحداث الكبرى, فأوقات الصلوات الخمس مرتبطة بحركة الشمس, فبزوالها عن وسط السماء يدخل وقت الظهر, وإذا صار ظل كل شيء مثله دخل وقت العصر، وبغروبها يحين وقت المغرب, حتى إذا  غاب الشفق الأحمر للشمس دخل وقت العشاء, كما أن بظهور الفجر الصادق يدخل وقت صلاة الصبح, قال تعالى:( أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا). وإن تسبيح الله عز وجل يكون أكثر استحبابا في أوقات ترتبط بمواعيد شروق الشمس وغروبها, قال تعالى :( وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها)
عباد الله: إن الله عز وجل جعل الشمس سراجا، وهي أصل الضوء ومبعثه, قال تعالى:( تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا). فجعل الله للنهار علامة، وهي الشمس التي يظهر نورها, فينتشر الناس في النهار للمعايش والصنائع، قال سبحانه:( وجعلنا النهار معاشا). وبدوران الأرض حول نفسها في مقابل الشمس يتبدل الليل والنهار, فيعرف الناس عدد الأيام والجمع والشهور والأعوام، ويعرفوا مضي الآجال والأعمار, قال الله تعالى:( وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا). فإنه لو كان الزمان كله نسقا واحدا وأسلوبا متساويا لما عرف شيء من ذلك. فسبحان من جعل الشمس مسخرة بأمره في سيرها ومسارها، قال الله تعالى:( والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم).
ومن تقدير الله تعالى أنه يأتي بالشمس من المشرق، ويجعلها تغرب من جهة المغرب بصورة منتظمة متكررة؛ لا تتخلف أو تتأخر في يوم من الأيام؛ مما يدل على قدرة الخالق جل في علاه, الذي تخضع لعظمته جميع مخلوقاته, قال تعالى:( ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس).
أيها المسلمون: وإن الله جعل للشمس فوائد ومنافع، ففيها الصحة والعافية، قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: عليكم بالشمس فإنها حمام العرب. وقد أشار القرآن الكريم في قصة أصحاب الكهف إلى فائدة الشمس للإنسان، قال تعالى:( وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه ذلك من آيات الله). فكانت الشمس سببا في حفظ أجسامهم، وكان مسها لهم إصلاحا لأجسادهم. فقد ذكر الأطباء أن التعرض لأشعة الشمس ينظم عمل كل أنسجة الجسم، ويقوي جهاز المناعة، ويقلل الشعور بالإجهاد، ويعالج الكثير من الأمراض. فحين نرى الشمس نسبح بعظمة خالقها، ونشكره تعالى على تسخيرها. فاللهم اجعلنا ممن يتعظ بآيات عظمتك, وعجائب صنعك وقدرتك، ويسبح بجلالك، ويخشى سلطانك، ووفقنا جميعا لطاعتك وطاعة رسولك محمد صلى الله عليه وسلم وطاعة من أمرتنا بطاعته, عملا بقولك:( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم).
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم،
وبسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم،
فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أيها المصلون: إن أهم ما نتواصى به تقوى الله عز وجل، وأن نعلم أن الشمس نعمة كبيرة، تجعل المرء يتفكر في عظمتها، ويتدبر في قدرة خالقها سبحانه، وأن يستفيد منها، فقد أودع الله عز وجل فيها فوائد عظيمة, ومنافع كبيرة كالضوء والحرارة، قال تعالى:( وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون). فباستخدام الإنسان لعقله تمكن من استثمار الشمس كمصدر للطاقة النظيفة والمتجددة التي لا تترك مخلفات وأضرارا على البيئة, أو تلحق الأذى بالإنسان, وقد خطت دولة الإمارات العربية المتحدة خطوات مباركة في هذا الاتجاه, فأصبحت فيها عاصمة الطاقة النظيفة، فمدينة مصدر هي المدينة الأولى على مستوى العالم في الاعتماد على الطاقة الشمسية بشكل تام في توفير احتياجاتها من الطاقة, ومشروع "مجمع الشيخ/ محمد بن راشد للطاقة الشمسية" والتي تضمن لنا تنويعا لمصادر الطاقة بعيدا عن مصادر الطاقة التقليدية.
هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه، قال تعالى:( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما). اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اجعلنا بآياتك موقنين، ولبديع صنعك معظمين، ولك منيبين مخبتين، وزدنا توفيقا وسدادا يا رب العالمين.
اللهم ارحم شهداء الوطن وقوات التحالف الأبرار، وأنزلهم منازل الأخيار، وارفع درجاتهم في عليين مع النبيين والصديقين، يا عزيز يا كريم. اللهم اجز خير الجزاء أمهات الشهداء وآباءهم وزوجاتهم وأهليهم جميعا، اللهم انصر قوات التحالف العربي، الذين تحالفوا على رد الحق إلى أصحابه، اللهم كن معهم وأيدهم، اللهم وفق أهل اليمن إلى كل خير، واجمعهم على كلمة الحق والشرعية، وارزقهم الرخاء يا أكرم الأكرمين.
اللهم انشر الاستقرار والسلام في بلدان المسلمين والعالم أجمعين.
اللهم ارض عن الخلفاء الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة الأكرمين.
اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، اللهم إنا نسألك الجنة لنا ولوالدينا، ولمن له حق علينا، وللمسلمين أجمعين.
اللهم وفق رئيس الدولة، الشيخ خليفة بن زايد، وأدم عليه موفور الصحة والعافية، واجعله يا ربنا في حفظك وعنايتك، ووفق اللهم نائبه وولي عهده الأمين لما تحبه وترضاه، وأيد إخوانه حكام الإمارات.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، اللهم ارحم الشيخ زايد، والشيخ مكتوم، وشيوخ الإمارات الذين انتقلوا إلى رحمتك،وأدخل اللهم في عفوك وغفرانك ورحمتك آباءنا وأمهاتنا وجميع أرحامنا ومن له حق علينا.
اللهم إنا نسألك المغفرة والثواب لمن بنى هذا المسجد ولوالديه، ولكل من عمل فيه صالحا وإحسانا، واغفر اللهم لكل من بنى لك مسجدا يذكر فيه اسمك.
اللهم اجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما، واجعل تفرقنا من بعده تفرقا معصوما، ولا تدع فينا ولا معنا شقيا ولا محروما.
اللهم احفظ دولة الإمارات من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأدم عليها الأمن والأمان يا رب العالمين.
اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم اسقنا من بركات السماء، وأنبت لنا من بركات الأرض.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.
عباد الله:( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون)
اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم ( وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق