الجمعة، 19 أغسطس 2016

الوقت..خطبة الجمعة اليوم بجميع مساجد الدولة

الخطبة الأولى
الحمد لله رب العالمين، أمرنا بالمحافظة على الأوقات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله، قال سبحانه وتعالى:( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون).
أيها المصلون: إن الوقت أثمن ما في حياة الإنسان, فهو عمره المقدر في هذه الدنيا، وإن كل دقيقة وثانية تمر تنقص من عمره، قال الحسن البصري: ابن آدم، إنما أنت أيام، كلما ذهب يوم، ذهب بعضك. وقد أقسم الله تعالى بالوقت في عدة مواضع من كتابه الكريم، لأهميته ومكانته فقال سبحانه :(والفجر* وليال عشر). وقال عز وجل:( والليل إذا يغشى* والنهار إذا تجلى). وقال تعالى:( والعصر). وإن الوقت نعمة عظيمة امتن الله سبحانه علينا بها فقال عز وجل:( وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا).
فكيف نشكر نعمة الوقت؟ إن أفضل شكر لهذه النعمة أن يستثمرها المرء في إنجازات عظيمة تجعل لوقته قيمة عالية، فمع بداية كل يوم يتجدد نشاطه، وترتفع همته في العمل والإنتاج، فيكون من خير الناس، قال أعرابي: يا رسول الله من خير الناس؟ قال صلى الله عليه وسلم :« من طال عمره وحسن عمله».
فعلى الإنسان أن يعرف قدر وقته، ولا يضيع منه لحظة في غير عمل مفيد، وهذا يحتاج إلى مهارة في تقدير الوقت لإتمام العمل وإنجازه، أو للوصول إلى مكان ما في التوقيت المحدد، حتى لا يضيع الإنسان وقته فيما لا ينفعه، فيكون من المغبونين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ».
والمغبون هو الذي باع شيئا بأقل من ثمنه وفرط في الشيء النفيس، فالمعنى أنهم مقصرون في شكر هاتين النعمتين، فلا يقومون بواجبهما لأنهم لا يقدرونهما حق قدرهما، فيتهاون بعض الناس في التفريط في وقته، قال الشاعر:
والوقت أنفس ما عنيت بحفظه   
وأراه أسهل ما عليك يضيع
فالوقت كنز ثمين لمن يستثمره، ونعمة عظيمة لمن يحسن استخدامها قبل انقضائها، فاليوم أربع وعشرون ساعة، وهو ضيف سريع الرحيل، فإن اغتنمناه؛ مضى عنا وهو حامد لنا، شاهد بالخير علينا عند ربنا، قال أحد العلماء: ما من يوم ينشق فجره، إلا وينادي: يا ابن آدم أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود مني، فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة.
يا أهل الصلاة والمواقيت: إن الله عز وجل جعل الوقت فرصة للعمل الصالح النافع، واحترام الوقت من أهم عوامل النجاح في حياة الإنسان، فما بلغ أحد المجد، ولا وصل إلى العلياء، إلا بمحافظته على وقته، وحرصه على أن يكون نافعا لنفسه ولوطنه ولأمته وللعالم، وإن تقدم الشعوب يعتمد بشكل أساسي على استثمار كل ثانية من أوقاتهم في تحقيق إنجازات كبيرة في أوقات قياسية، خدمة للبشرية، وهذا يتطلب توزيع الأعمال على الأوقات.
فكيف ننظم أوقاتنا؟ إن التخطيط المسبق للوقت وتنظيمه يعين الإنسان على اغتنامه، ويجنبه هدره، فالذي يحسن إدارة وقته يجعل لعمله جزءا لا يفرط فيه, ولأهله نصيبا لا يقصر فيه، قال النبي صلى الله عليه وسلم:« إن لربك عليك حقا، ولنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه». وهكذا يتم تنظيم الأوقات وعدم تضييعها, ومراعاة أوقات الآخرين سواء في المواعيد أو في الاجتماعات أو المجالس وغيرها، بالإضافة إلى ترتيب الأولويات وإنجاز الأهم فالمهم، فيزداد الإنتاج والرقي والنماء، قال أحد العلماء: إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري، حتى في وقت راحتي أعمل فكري ثم أسجل خواطري.
فكم من شعوب تقدمت ودول تطورت بسبب احترام أفرادها للوقت بدقة بالغة، واستثمارهم للزمن، وقد قيل في المثل: الناس يفكرون دائما كيف يقضون أوقاتهم، لكن العقلاء يفكرون كيف يستثمرونها، وإن الشعوب المتحضرة هي التي تقدر الوقت وتحسن إدارته، فتراهم إما في عمل هم له متقنون، أو في تحسينه متفانون، أو في رياضة إليها ينشطون، أو في قراءة عليها يحرصون، فتقدمت بلادهم، واتسعت ثقافتهم.
فاللهم ارزقنا البركة في الأوقات، ووفقنا لطاعتك، وطاعة رسولك محمد صلى الله عليه وسلم وطاعة من أمرتنا بطاعته، عملا بقولك:( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم).
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
 الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فيا أيها المصلون، إن أول ما نتواصى به تقوى الله عز وجل، وأن نعلم أن الوقت هو رأس مال الإنسان، ومهما كثر فهو قليل، ومهما طال فهو قصير، فليغتنم كل امرئ وقته، فهو مسؤول عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن خمسة: عن عمره فيما أفناه، وشبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن ما عمل فيما علم».
والأسرة معنية بتنظيم أوقاتها، وتوجيه أبنائها إلى إدارة وقتهم ليستثمروه في استذكار دروسهم وتثقيفهم، حتى تتسع مداركهم، وما بقي من أوقاتهم يغتنمونه في اكتساب مهارات وممارسة رياضات تبني أجسامهم, وتنشط أذهانهم, وزيارات عائلية يصلون بها أرحامهم، لتقوى صلاتهم، قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إني لأكره أن أرى الرجل فارغا، لا في عمل الدنيا، ولا في عمل الآخرة.
وإن للمدرسة دورا بارزا في غرس احترام الوقت لدى الأجيال؛ بحسن إدارتها لوقت الطلاب وتوظيفه في أعمال مبتكرة, وبذلك يرقى المجتمع ويتطور ويسعد، فإن إدارة الوقت واستثماره هو أقوى دافع لعجلة الإنتاج وزيادته.
فليسأل كل واحد منا نفسه: هل يقدر الوقت ويحرص على اغتنامه واستثماره؟ ثم ليسأل ماذا قدم من وقته لنفسه وأهله ومجتمعه ووطنه من نفع وخير؟   
هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا».
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اجعل أوقاتنا عامرة بالخيرات، ووفقنا للمبادرة في الصالحات يا رب العالمين.
اللهم ارحم شهداء الوطن وقوات التحالف الأبرار، وأنزلهم منازل الأخيار، وارفع درجاتهم في عليين مع النبيين والصديقين، يا عزيز يا كريم.
اللهم اجز خير الجزاء أمهات الشهداء وآباءهم وزوجاتهم وأهليهم جميعا، اللهم انصر قوات التحالف العربي، الذين تحالفوا على رد الحق إلى أصحابه، اللهم كن معهم وأيدهم، اللهم وفق أهل اليمن إلى كل خير، واجمعهم على كلمة الحق والشرعية، وارزقهم الرخاء والاستقرار يا أكرم الأكرمين.
اللهم ارض عن الخلفاء الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة الأكرمين.
اللهم إنا نسألك من الخير كله، عاجله وآجله، ونسألك الجنة لنا ولوالدينا، ولمن له حق علينا، وللمسلمين أجمعين. اللهم وفق رئيس الدولة، الشيخ خليفة بن زايد، وأدم عليه موفور الصحة والعافية، واجعله يا ربنا في حفظك وعنايتك، ووفق اللهم نائبه وولي عهده الأمين لما تحبه وترضاه، وأيد إخوانه حكام الإمارات.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، اللهم ارحم الشيخ زايد، والشيخ مكتوم، وشيوخ الإمارات الذين انتقلوا إلى رحمتك،وأدخل اللهم في عفوك وغفرانك ورحمتك آباءنا وأمهاتنا وجميع أرحامنا ومن له حق علينا. اللهم اجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما، واجعل تفرقنا من بعده تفرقا معصوما، ولا تدع فينا ولا معنا شقيا ولا محروما.
اللهم احفظ دولة الإمارات من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأدم عليها الأمن والأمان يا رب العالمين. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.
عباد الله:( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون)
اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم ( وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق